ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهي السفن
مرض والدي الحبيب
وتم نقله إلى المستشفى
وفي المستشفى حدث ما حدث
لم يكن مرض والدي بالشئ اليسير علي
بل إني تأثرت لذلك أشد التأثير
خاصةً أني كنت أحبه حباً شديداً وتعلقي به شديد جداً
وطيبته معي وأيضاً لمعاملته لي باللين والحب على الرغم من إسلامي
ودفاعه عني في كل كبيرة وصغيرة أمام أي أحد
لا يمكن أن أنسى عطفه وحنانه وحبه لي
كم أحبه..
مرض مرضاً شديداً ونقل سريعاً إلى المستشفى
حتى أننا ظننا أنه مرض الموت وكنت أخشى عليه أن يموت على النصرانية
كنت أزوره يومياً بالساعات وكان بالكاد ينطق بصعوبة
وأتفقت أنا وأخي على أن نتناوب المكوث معه ولا نتركه طول اليوم
هو بالليل وأنا بالنهار نتناوب على رعايته وأيضا استغلال الوقت لدعوته للإسلام
لعل الله يشرح صدره
كنت أقول له:
يا أبي.. أنا بدونك لا أساوي شئ..
ولو حدث لك أي شئ أخشى على نفسي الضياع لولا يقيني بالله.
قال لي: يكفيكي الله.
قلت له: أي إله يا أبى تقصد ؟؟؟
...سكت
قلت له: يا أبي إني أحبك والله وأخشى عليك..
فقلت له قصة الرسول صلى الله عليه وسلم حينما عاد يهودي مريض
وأمر ابن اليهودي أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله
فنظر الطفل إلى أبيه
فقال له الأب: أطع أبا القاسم يا بني وفعل الطفل.
وقلت له: يا أبي كان إذا يهودي أو نصراني أو مشرك مات على الشرك
بكى الرسول وقال أبكي على نفس هربت منى إلى النار..
يا أبى
لما لا تقولها
يا أبي أرحني يا أبى وأسلم لله وحده
قال لي: إنتي ما تعرفيش أعم*** ممكن يعملوا ايه..
..يا أبي
أنا لا أعرف اإلا الله ورسول الله
كلما قال لي تعرفي كذا
أقول لا أعرف إلا الله ورسوله
تعرفي كذا
لا أعرف إلا الله ورسوله
لا أعرف كنت أتكلم بلسان بليغ وحجة قوية
الكلام كان يأتى إلي وكنت أتكلم بكل حجة
وكان يتكلم بصعوبة وينطق بصعوبة وفي خضم كلامي معه
دمعت عيناه..
فمسكت يده قبلتها وأنا أبكي
ونزلت على قدمه قبلتها وأنا أبكي بكاءً شديداً
وقلتها له: يا أبي أخشى عليك والله
أخشى عليك من النار يا أبي..
قولها يا أبي..
قل أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله
كلمة تنجيك من النار..
قلها من قلبك يا أبي
يا أبي..
خسارة هذه اليد أن تدخل النار..
فول وجهه عني ودموعه لم تتوقف
جاء في هذه اللحظة أحد أعمامى من غلاظ القلوب
فتركت مكاني وخرجت..
وكان أخي قد جاء
فذهبت إلى البيت وأنا حزينة جداً
وفي المساء اتصل بي أخي هاتفياً وقال لي
تعااااااااااااااالى
الحقى !!
تعااااااااااااااااااالى بسرعة !!!
وقعت السماعه من يدي
ولم أدر بنفسي إلا وأنا في المستشفى
وكان أخي على يميني وأنا على يساره
قال: أبي رفض أن ينطق الشهادة إلا في وجودك
ونظرت إلى أبي والدموع تملأ عيني
فقال بصوته الواهن:
أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله
فقلت بأعلى صوتي
الله اكبر
الله اكبر
حتى سمعني كل من في المستشفى وجاء الطبيب والممرضات
متخيلين أن هناك أمر ما حدث لأبي
وانهلنا أنا وأخي تقبيلا لأبي وهو في قمة سعادته
الآن نحن ثلاثة مسلمين في البيت
وأبي خرج من المستشفى ولله الحمد إن كان ليس بطبيعته
ولكنه يصلي إما جالساً على كرسي أو في فراشه
بعد أن تعلم الوضوء والصلاة
ونعيش في استقرار وأمن ولله الحمد
الآن الدور على أمي
ترى هل تلبي نداء الإسلام
أكرمني الله بزوج صالح وطبيب أيضاً وكأن الله عوضني بدل الطبيب طبيب بل أنه أيضاً أستاذاً في كلية طب الأسنان رغم سنه الصغير الذي لم يبلغ الثلاثين بعد
إنسان طيب دمث الخلق ومسلم على دين تقدم إلي فوافقت عليه وأتممنا الفرح في حضور ضعيف من الأهل وفي حضور قوي جداً من أهله والأصحاب وانتقلت معه في بيته البعيد عن بيت أهلي وشعرت معه بالأمان والدفء
ولكن هداية أمي كانت لا تفارق خاطري
كنت أفكر فيها ليل نهار كيف أناقشها وهي مثقفة وجامعية ولها بعض المقالات بصفة دورية تنشر في بعض الصحف المحلية كيف أصل الى هذه العقلية وصولاً يخدم هدفي في دعوتها إلى الإسلام
كنت أتمنى أن يأتى اليوم وأسمع أمي وهى تشهد كلمة التوحيد كنت أخاف عليها أكثر من نفسي وبالفعل جاء هذا اليوم
حقاً كان يوم عصيب لأن بدايته كانت حزية
جيران لنا لهم إبن وحيد لم يتعد الثالثة والعشرين من عمره وكان يكمل دراسته في ألمانيا وعاد لتوه بناءً على إلحاح من أهله ليخطبوا له وبالفعل عاد الإبن الوحيد إلى أحضان أهله وتمت الخطبة ولكن حدث أمر جلل اثناء أحد زيارات هذا الشاب إلى خطيبته وقع له حادث تصادم أليم وتوفاه الله
كان وقع الصدمة على أهله وعلى كل من يعرفه رهيب
ذهبت أمي إلى جنازته ووصفت لنا وحدثتنا عن ثبات الأم وكيف كانت تقول في الجنازة كانت تقول مخاطبةً ابنها المتوفى :
ربك أعطاني إياك وربك أخذك مني فحسبي الله هو يكفيني
كانت هذه الجمله تزلزل كيان كل من يسمعها ما رأيت منها لا صراخ ولا عويل ولا نحيب وكانت أمي متعجبة من صلابة هذه الأم الثكلى
وفي المساء ذهبت أمي اليهم وكان هناك مكان داخل البيت لعزاء السيدات في حضور شيخ يتكلم عن الموت وما بعد الموت إما نعيم أو جحيم وعن الملائكة داخل القبر وثبات المسلم كل ذلك تستمع له أمي دون أن تعقب وكانت تنظر دائماً إلى أم الشاب وتجدها تسبح تارةً أو تقرأ في القرآن تارةً أخرى
وعادت أمي إلى البيت وحكت عن كل هذه الأشياء لنا أنا وأخي متعجبةً من صلابة المرأة وقالت : لو أن إبنى هو الذي مات لكنت خرجت في الشارع مثل المجنونة فنظر إليها أخى وقال : الفرق الذي بينك وبينها هو الدين.
قالت : كيف؟
قال لها : الإسلام يحث المسلم على الصبر عند الشدائد وأجره على الله وينهيه عن أي تصرف خارجي من تصرفات الجاهلية الأولى مثل شق الجيوب أو لطم الخدود والمسلم الحق هو من يمتثل لأوامر ونواهي الله
واستمر الحوار هكذا بين أمي وأخي وأنا مستمعةً لا أعلق بأي شئ
المهم أن أمى تركت المجلس وأصرت على الحضور في اليوم التالى إلى العزاء لسماع الشيخ لأن العزاء يكون ثلاثة أيام وحدث نفس ما حدث في اليوم الأول الشيخ يتكلم عن الموت وما بعد الموت وعن الجنة والنار وأمي تستمع له..
فعادت إلينا وسألتنا سؤال غريب ترى ما هو مصير من يموت منا هل إلى الملكوت كما يزعم النصارى أم إلى الجنة كما تزعمون أنتمشرحت لها أنا وأخي ما هي الجنة في الإسلام ونعيمها وما أعده الله لعباده الصالحين فيها ثم بعدها سألتنا عن القرآن ونحن نحس أنها قريبةً جداً ولكن هناك ما يمنعها لا أعرف ما هو..
ولكني اتخذت المبادرة الأولى في طريق الهداية إلى أمي ذهبت إلى جارتي أم الشاب المتوفى وقلت لها أننا نريد منك أن تساعدينا فوالله إنها تحبك ومتأثره بك إلى درجة كبيرة كلميها عن الإسلام وتقربي إليها..
وبالفعل بدأت جارتنا تدعوها إلى بيتها مرات كثيرة تقريباً يومياً وتتحدث معها وتشرح لها آداب الإسلام دون أن تعرضه عليها
ثم تحدثنا إلى الوالد أن يكلمها هو ويعرض عليها الإسلام لأنها تحبه وتحترمه إلى أقصى درجة وقد يكون له تاثير عليها وبالفعل تكلم معها أبى وقال لها دعك من العناد والكبر واعلمي أن الحق ما هو عليه أنا وأولادك كوني منا ما يمنعك ؟
قالت : إخوتي وأهلي أخاف أن يقاطعوني..
وقال لها : هل أنا ليس لي أهل ولا أخوة هل لم يقاطعوني؟؟
إنه يوم لو تعرفي وصفه ما قلتي هذا.. إنه يوم يفر فيه المرء من أخيه ومن أمه وأبيه ومن صاحبته وبنيه دعك من هذا الكلام
وهل أهلك أعز عليك مني أو من أولادك؟؟
فسكتت قليلاً وكأنها اقتنعت أنها قدمت سبب واه بعد اقتناعها الكامل أن الإسلام على حق قالت أمي بعد برهه حسناً سأعلن إسلامي
فقام أخي على الفور وقال : إذن رددي خلفي الشهادة ..
قالت : لا بل أرددها خلف أبوك..
وبالفعل قالها أبي ورددتها أمي خلفه ونحن في قمة السعادة وقمنا وعانقناها أنا وأخي والدموع تسيل منا جميعاً ونزل أخي على الفور واشترى ورداً مكتوباً عليه إسم أمي وأقمنا حفلة بهذه المناسبة الجميلة ودعونا جارتنا الطيبة
ومع أن أمى طلبت منا أن لا نخبر أحداً إلا أنني سربت الخبر لأن المسلم في عزة من دينه وكنت أرى أمي في حالة طبيعية لا تفعل أشياء في الخفاء وتخشى منها ..
وبالفعل صدق ما كانت تخشاه أمي فقد قاطعها كل أهلها ولكنها اليوم تعلم أنها مسلمة ويعلم الناس أنها مسلمة وتمشى بملابس إسلامية جميلة يزينة الحجاب بل أنها تكون حريصة على عدم الخروج من بيتها إلا وهي ترتدي القفازات في يديها
وعلمتها جارتنا الغسل والطهارة والوضوء والصلاة وكل ما يتعلق بالمرأة المسلمة ولا تخرج إلا معها إلى المسجد
وبفضل الله علينا أتم الله علينا نوره وأنار بيتنا كله بنور الإسلام وأنهى بكلمة الجارة الطيبة التي قالت عسى الله أن يجعل إسلام الأم فى ميزان حسنات ولدي..
تـــــــمت..
معلش والله اسفه خالص على الاطاله دى