جمعية الادباء الصامتين حتى الموت
*ففى سنة 1730 تكونت جمعية من سبة من الشبان . هذه الجمعية اسمها (السبعة الدائمين احياء او ميتين) .
*واعلن واحد اخر انه اصبح عضو ميتا
و*فى يوم 2 نوفمبر سنة 1766 ذهب الى مكان الاجتماعات العضو الوحيد الباقى..
الا هذا البيت!
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
هذا التحذير يردده عشرات من الزملاء فى جامعة كمبريدج.ولكن لهجة التحذير لا تدل على شئ مخيف .
فمن عادت الطلبه ان يسخرو من كل شئ .حتى لا يتهمهم احد بالهدم فانهم يكونون جمعيات من كل نوع ..... جمعية هواة طوابع البريد وجمعية الذين لا يؤمنون بالبريد .
وجمعيات المشى والجرى والسباحه والنوم وحيدا حتى الموت . وجمعية المعانى الابدية و((جمعية المبادئ الهدامه الا قليل)) ... والذين يحبون الزجاجات الفارغة واغطية الزجاجات
ومن شاء انضم الى الجمعية او النادى الذى يريد.
....الا هذا البيت!
[color=darkblue]انه التحذير الذى يتردد فى كل مكان . مع ان هذا البيت الذى يحذرون الناس منه ليس اقدم البيوت ولا اكثرها بعد عن المدينة .
انه واحد من الوف البيوت التى عمرها 200 سنة . صحيح ان بابه ضيق وسلالمه مظلمة
[url=http://www.0zz0.com][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]kblue]
ولكن اين هى البيوت القديمة ذات الابواب الوسعة والمداخل المشرقة؟ ولا حتى بيوت الامراء ولا قصور النبلاء فى ذلك الوقت من القرن الثامن عشر - عصر الملك جورج الثانى ، ولم يكن هذا الملك يحب النكتة . واذا حاول انسان ان يكون ظريف فى حضوره فالعقوبة معروفة :
يامر الملك بالقائه فى الماء البارد وهو يضحك .... الملك يضحك ومحكوم على هذا الشخص ان يضحك والا تركوه فى الماء ولما قيل للملك ان ((هذا)) البيت قديم وانه خانق .. كان رده اننا جعلنا الابواب ضيقة ليكون هناك فارق بين ابواب البيوت وابواب السموات!
وكان الذين يسمعون مثل هذا الردود السخيفة يهزون رءوسهم طربا لفصاحة الملك .. ولما قيل له : ولماذا لا تهدم (هذا) البيت مادام الناس يخافونه؟ ويكون جواب الملك : ولماذا لا نشنق لهم الملوك ورجال الدين ما دامو يخافونهم؟
وكان الناس يفزعون من مثل هذه الاجابات السريعة. فكلامه ليس ككل كلام .. وانما اذا صدرت للملك عبارة، قامت العبارات الاخرى وانحنت امامها!
ومعنى ذلك ان الملك جورج الثانى ليس فى نيته ان يهدم (هذا) البيت . هذا واضح من كل ردوده على عقلاء البلاط وثرثارات القصر . ولكن لماذ قرر الملك فجاة ان يهدم هذا البيت وتمايل الناس حوله خوفا عليه ... وخوفا على انفسهم .. ثم لماذا قرر فى اخر لحظة الا يهدم البيت؟!
ان سير كيلى كوش استاذ الادب الانجليزى المعروف عنده تفسير لذلك وقد جاء تفسيره فى كتاب عنوانه(خرافات مفيدة) .
وهو فى هذا الكتاب يروى كيف انه ذهب الى كمبريدج وارتفعت الايادى والحواجب والاكتاف لتحذره من (هذا) البيت . وذهب الاستاذ كوش الى ارشيف الجامعة . حتى عثر على التاريخ القريب لهذا البيت ..
وفى اخر ايام هذاا الرجل اتجه الى دراسة الروح وما وراء الموت ..
ذهب السير كوش الى البيت . مشى وراه حارس كبير فى السن .
الحارس يفتح له الباب . الباب له صوت غريب . او ليس غريب من باب قديم لا يفتحه احد الا كل عشرات السنين .. فعندما انفتح الباب تساقط بعض التراب ونزلت احجار صغيرة من السقف وترامت عليه روائح كريهة . هذه الروائح مالوفة فى البيوت المهجورة . اما الحارس فقد ترك الباب مفتوح وهو يقول له :
انا قد رويت لك القصة وانتا ما تزال شابا شجاعا بحثا عن الحقيقة وانتا حر ... وقبل ان اتركك اريد ان اسالك يا ولدى : ما هو نوع الزهور التى تحب ان اضعها على قبرك!
وقال الاستاذ كوش وهو يضحك :
اى نوع!
ومضى الحارس كانة يخاف ان تمتد الية اذرع خفية وتسحبه الى الداخل . ودخل الاستاذ كوش ... صعد السلم ... اتجه الى الغرفة التى تكسرت فيها المقاعد والذجاج والاطباق وتناثرت الشوك والسكاكين . والزجاجات الفارغة ......
والاقلام والاوراق . وبقيت فى مكانها هذا منذ اكثر من مائتى سنة!
اما الذى فعله الاستاذ كوش فهو ما لا يتصوره احد- وان كان الاستاذ كوش قد سجل ذلك فى كتابه . لقد امضى ليلة فى الغرفة الرئيسية .. نام ...ونام .... وبعد ايام الف كتابه هذا . وبعد صدور هذا الكتاب بسبعة اسابيع مات فى فراشه . وقد وجدوه جالسا فى مكتبه . كانه تعب من القراءه والكتابة فقرر ان ينام فى مكانه!
نعود الى عهد الملك جورج الثانى وزوجتة التعيسة الملكة كارولين التى سمعت بقصة هذا البيت كاملة . ولم تشاء ان ترويها لاحد وانما افضت بسرها الى احدى وصيفاتها . واوصت بكل شئ بعد ان تموت . ولكن الوصية لم تنفذ . فالوصيفة قد ماتت بعد وفاة الملكة ولم يعرف احد بهذه الوصية الا بعد ذلك بمائتى سنة .وكان الاستاذ كوش هو الذى اكتشف سر الملكة وسر ( هذا) البيت .
ففى سنة 1730 تكونت جمعية من سبة من الشبان . هذه الجمعية اسمها (السبعة الدائمين احياء او ميتين) . هذه الجمعية تضم سبعة من الشبان تتراوح اعمارهم بين الثانيه والعشرين والثلاثين .
هؤلاء الشبان اعتادو ان يلتقو فى هذا البيت فى اليوم الثانى من شهر نوفمبر من كل سنة . هذا اليوم هو ( يوم جميع الارواح ) .
وليس عندهم برنامج يناقشونه .وانما ياكلون ويشربون ويرقصون ويغنون ويلعنون كل المقدسات من اولها الى اخرها ومن كل دين! وفى ساعة متاخرة من الليل يهدا الجميع ويعودون الى بيوتهم على امل ان يستانفو اجتماعهم الايام السبعة التالية ...
ومن الغريب ان هؤلاء الشبان كانوا يحتفظون بمحاضر لجلساتهم والذى يقراء المحاضر التى عثر عليها الاستاذ كوش يندهش كيف ان هؤلاء السكارى يكتبون كل شئ بمنتهى الدقة والاناقة ..
مثلا فى اول اجتماعهم يدور مثل هذا الحوار بينهم:
(اذن نحن قررنا ان نجتمع اليوم . ثم ماذا بعد ذلك .. يسال واحد منهم : لابد ان تكون هناك حكمة .. لابد ان يكون لدى كل واحد منا سبب وجيه ) ويقول اخر:
ليس من الضرورى ان يكون هناك سبب وجيه لاى شئ فليس هناك سبب وجيه لكى تكون انت موجود .. ولا انا ولا اى واحد..اليس هذا صحيحا؟
ويقول اخر : اذن نحن اجتمعنا هنا دون ان يكون عندنا سبب!
ويرد عليه احد الحاضرين: ((ليس من الضرورى ان يكون لكل شئ سبب.. اجتماعنا . وجلوسنا .. وتناقشنا .. لاننا اذا لم نتكلم متنا .. وواضح اننا لا نريد ان نموت .. فقد ارتدينا ملابس ثقيلة خوفا من البرد .. واكلنا خوفا من الجوع .. وضحكنا حتى لا يقضى علينا اليائس .. وكل واحد منا روى قصة غرامة اعتزازا .. وواضح اننا نريد كل الذى فعلناه وهذا يكفى))
ثم يوقعون باسمائهم على محضر الجلسة ...
اما اللائحة الدخلية لهذه الجمعية فتنص على ان الجمعية تتكون من سبعة اعضاء . احياء او موتى فالذى يموت يظل عضوا فاذا مات الجميع انحلت الجمعية . او لم يعد لها وجود !!
وتنص ايضا على ان مبادئ الجمعية غير قابلة للتغير .
وعلى ان الاعضاء دائمون، لا يخرج منها احد ولا يدخلها احد .
وان الذى يتخلف عن الحضور لاى سبب لابد ان يوقع عليه الاعضاء العقوبات المنصوص عليها .. وهناك نص يقول :
ويمكن فى حالة الغضب الشدشد والجنون المطلق عند الجميع ان يتغير اسم الجمعية الى اسم : جمعية الادباء الصامتين فى الموت .
وهناك تحفظ فى محضر الجلسات يقول : هذا فى حالة ايمان الاعضاء بانه لا فائدة من الكلام الذى يقولونه ، او عندما يفقد الاعضاء اية شهية للكلام فيما بينهم . هنا فقط يجب ان يسكتوا الى الابد!
وتوقفت نهائيا محاضر الجلسات يوم 2 نوفمبر سنة 1766 . وجاءت توقيعات الاعضاء فى غاية الوضوح والاناقة .
واكتشف الاستاذ كوش شيئا غريبا بتاريخ 30 نوفمبر سنة 1743 ففى هذا اليوم بالذات ثبت من الدفاتر الرسمية ان رئيس الجمعية واسمة (الان ديرمو) قد اشتبك فى معركة مع احد خصومه الذى اصابه بالسيف فى بطنة وراح ينزف من فمه حتى مات فى باريس . هذه حقيقة مؤكدة . وفى نفس هذا اليوم انعقد اجتماع
( جمعية السبعة ) فى كمبريدج وجلسوا وتناقشوا ووقعوا بامضاءاتهم السبعة فى نهاية الجلسة . والجلسة قد رفعة بعد منتصف الليل بقليل . ومن المؤكد ان الرئيس (ديرمو) قد قتل قبل هذا الموعد بدقائق فى باريس ! اى ان هذا الشاب قد قتل فى باريس وحضر الاجتماع الذى استغرق اربع ساعات فى مدينة كمبريدج والمسافة بين المكانين تقدر بمئات الاميال فى عصر ليس به طائرة ولا اى اتصال سلكى او لا سلكى .
وفى محضر الجلسة قال الرئيس: اننا ملتزمون باللائحة الدخلية للجمعية . فالواحد هنا يظل عضوا فى الجمعية حيا او ميتا .
ولما ساله احد الاعضاء : وهل هذا معقول؟
فقال الرئيس طبعا معقول .. اعطنى شيئا معقول واحد فى هذه الدنيا وانا اجد فيه شيئا لا معقول !!!
ثم اخرج من جيبه كتابا صغيرا اسود ووضعه على رأسه وهو يقول: خصوصا هذا الكتاب - ثم القاه على الارض !
ولاول مرة فى تاريخ الجمعية بعد ان يتم اقفال المحضر ، يعودون ويقررون ان الرئيس قد مات! وان واحد منهم يجب ان يقوم بدور الرئيس! كيف انهم لم يشعروا بانه مات ثم كيف عرفوا انه مات بعد وفاتة بدقائق ؟ ثم كيف انهم لم يدركوا اى تغير فى الشخص الذى كان معهم بعد ان مات؟!
وفى اليوم التالى اعلن الرئيس ( ديرمو) انه اصبح عضوا ميتا ،
وكتب بخط يده ذلك . ويقول الاستاذ كوش : ان خطه كان انيقا جدا....
وفى 2 نوفمبر من العام التالى انعقد الاجتماع فى نفس المكان ..
واعلن واحد من الاعضاء انه اصبح عضو ميتا . اما هذا العضو فهو من ضباط الحرس الملكى وقد كانت وفاته معروفة . فهو قد ركب احد الخيول وعندما اراد ان يقفز به من احد التلال سقط ميتا. ، ومن الثابت فى دفاتر القصر ان هذا الضابط قد توفى قبل انعقاد الجمعية بساعات قليلة . ولكن الاستاذ كوش عندما قارن بين امضاء هذا الضابط (ميتا) وامضائه وهو (حيا) لم يجد ادنى فارق!!!
واقام الاعضاء الخمسة الباقون حفلة العشاء التقليدية ولكنهم انزعجو عندما اكتشفو الحقيقة المخيفة انهم ياكلون ويشربون مع اثنين من الموتى . وتفرقوا . بعد ان اتخذو قرارا الا يجتمعوا بعد ذلك ... وفى العام التالى ودون ان يوجهوا الدعوة للحضور ، التقوا فى نفس البيت وفى نفس الغرفة ... واعلن واحد اخر انه اصبح عضو ميتا وتحرر محضر بذلك ووقعوا باسمائهم!!
وبعد اسبوع توفى عضو رابع وبعد شهرين توفى عضو خامس..
وفى يوم 2 نوفمبر سنة 1766 ذهب الى مكان الاجتماعات العضو الوحيد الباقى.. وكان فى نيته ان يشرب وان يرقص وحده وان يغنى وان يشعل النار فى المكان . . وان يحرق دفاتر الاجتماعات . وذهب ، وفتح الدفاتر وكتب انا العضو الوحيد الباقى قررت ان انهى كل شئ .. وان احرق الوثائق التى تدل على هذا العمل الجنونى .. الذى لا اعرف كيف حدث .. ولا كيف اجىء الى هذا المكان رغم حرصى على الا اجىء .. اننى ارى طريقا فامشى .. واقف امام باب ينفتح .. واضع رجلى على عتبة الباب فيحملنى السلم الى اعلى ... واجلس على مقعد يندفع الى الامام واسحب دفتر مفتوحا وامد يدى الى قلم يسبقنى الى الورق
واكتب واوقع باسمى .. وافاجأ بان ستة امضاءات اخرى وقد تراصت الواحدة الى جوار الاخرى .... ولكن سوف احرق كل شئ ......
ولم يستطع ان يفعل اى شئ.
وانما جاء فى المحضر ان العدد القانونى قد تكامل وان على العضو الباقى ان يعلن نفسة عضوا ميتا ... ومن الثابت ان العضو السابع واسمه الاستاذ بلاسيس مدرس الادب الانجليزى قد عاد فى نفس الليلة الى بيته ومات فى الساعة الحادية عشرة واربعون دقيقة .. وفى المحضر يعلنون انهم اصبحو جميعا اعضاء موتى ..... ويختمون اجتماعهم بتحطيم كل شئ فى البيت
النوافذ والابواب والمقاعد والاكواب والاطباق .. ولكن بقى هذا الدفتر كما هو ليهتدى اليه الاستاذ كوش بعد قرنين فى احدى مكتبات جامعة كمبريدج .
وفى 2 نوفمبر من كل عام يسمع الناس ضوضاء واصواتا غريبة صارخة تنطلق من هذا البيت . فاذا دخل احد لم يجد اى اثر لاى شئ .. ولم يجد اثر لهذه الاطباق او المقاعد ..
وفى اخر ايام الاستاذ كوش اعلن انه بالرغم من كل ما كتب وما روى وما سمع فى غرفة الاجتماعات التى نام فيها ليلة ، فانه لا يجد تفسير لما سمع وراى وقرأ ، وما يرويه الناس فى كل مكان .انه فى دهشة .. ولا يكذب ما يروى ، ولكن لا يعرف كيف يثبته بالفعل !
وفى يوم 2 نوفمبر سنة 1940 توفى هذا الاديب والمؤرخ الكبير!!!!..
اقتباسات من كتاب أرواح وأشباح
*أنيس منصور*[center]
*ففى سنة 1730 تكونت جمعية من سبة من الشبان . هذه الجمعية اسمها (السبعة الدائمين احياء او ميتين) .
*واعلن واحد اخر انه اصبح عضو ميتا
و*فى يوم 2 نوفمبر سنة 1766 ذهب الى مكان الاجتماعات العضو الوحيد الباقى..
الا هذا البيت!
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
هذا التحذير يردده عشرات من الزملاء فى جامعة كمبريدج.ولكن لهجة التحذير لا تدل على شئ مخيف .
فمن عادت الطلبه ان يسخرو من كل شئ .حتى لا يتهمهم احد بالهدم فانهم يكونون جمعيات من كل نوع ..... جمعية هواة طوابع البريد وجمعية الذين لا يؤمنون بالبريد .
وجمعيات المشى والجرى والسباحه والنوم وحيدا حتى الموت . وجمعية المعانى الابدية و((جمعية المبادئ الهدامه الا قليل)) ... والذين يحبون الزجاجات الفارغة واغطية الزجاجات
ومن شاء انضم الى الجمعية او النادى الذى يريد.
....الا هذا البيت!
[color=darkblue]انه التحذير الذى يتردد فى كل مكان . مع ان هذا البيت الذى يحذرون الناس منه ليس اقدم البيوت ولا اكثرها بعد عن المدينة .
انه واحد من الوف البيوت التى عمرها 200 سنة . صحيح ان بابه ضيق وسلالمه مظلمة
[url=http://www.0zz0.com][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]kblue]
ولكن اين هى البيوت القديمة ذات الابواب الوسعة والمداخل المشرقة؟ ولا حتى بيوت الامراء ولا قصور النبلاء فى ذلك الوقت من القرن الثامن عشر - عصر الملك جورج الثانى ، ولم يكن هذا الملك يحب النكتة . واذا حاول انسان ان يكون ظريف فى حضوره فالعقوبة معروفة :
يامر الملك بالقائه فى الماء البارد وهو يضحك .... الملك يضحك ومحكوم على هذا الشخص ان يضحك والا تركوه فى الماء ولما قيل للملك ان ((هذا)) البيت قديم وانه خانق .. كان رده اننا جعلنا الابواب ضيقة ليكون هناك فارق بين ابواب البيوت وابواب السموات!
وكان الذين يسمعون مثل هذا الردود السخيفة يهزون رءوسهم طربا لفصاحة الملك .. ولما قيل له : ولماذا لا تهدم (هذا) البيت مادام الناس يخافونه؟ ويكون جواب الملك : ولماذا لا نشنق لهم الملوك ورجال الدين ما دامو يخافونهم؟
وكان الناس يفزعون من مثل هذه الاجابات السريعة. فكلامه ليس ككل كلام .. وانما اذا صدرت للملك عبارة، قامت العبارات الاخرى وانحنت امامها!
ومعنى ذلك ان الملك جورج الثانى ليس فى نيته ان يهدم (هذا) البيت . هذا واضح من كل ردوده على عقلاء البلاط وثرثارات القصر . ولكن لماذ قرر الملك فجاة ان يهدم هذا البيت وتمايل الناس حوله خوفا عليه ... وخوفا على انفسهم .. ثم لماذا قرر فى اخر لحظة الا يهدم البيت؟!
ان سير كيلى كوش استاذ الادب الانجليزى المعروف عنده تفسير لذلك وقد جاء تفسيره فى كتاب عنوانه(خرافات مفيدة) .
وهو فى هذا الكتاب يروى كيف انه ذهب الى كمبريدج وارتفعت الايادى والحواجب والاكتاف لتحذره من (هذا) البيت . وذهب الاستاذ كوش الى ارشيف الجامعة . حتى عثر على التاريخ القريب لهذا البيت ..
وفى اخر ايام هذاا الرجل اتجه الى دراسة الروح وما وراء الموت ..
ذهب السير كوش الى البيت . مشى وراه حارس كبير فى السن .
الحارس يفتح له الباب . الباب له صوت غريب . او ليس غريب من باب قديم لا يفتحه احد الا كل عشرات السنين .. فعندما انفتح الباب تساقط بعض التراب ونزلت احجار صغيرة من السقف وترامت عليه روائح كريهة . هذه الروائح مالوفة فى البيوت المهجورة . اما الحارس فقد ترك الباب مفتوح وهو يقول له :
انا قد رويت لك القصة وانتا ما تزال شابا شجاعا بحثا عن الحقيقة وانتا حر ... وقبل ان اتركك اريد ان اسالك يا ولدى : ما هو نوع الزهور التى تحب ان اضعها على قبرك!
وقال الاستاذ كوش وهو يضحك :
اى نوع!
ومضى الحارس كانة يخاف ان تمتد الية اذرع خفية وتسحبه الى الداخل . ودخل الاستاذ كوش ... صعد السلم ... اتجه الى الغرفة التى تكسرت فيها المقاعد والذجاج والاطباق وتناثرت الشوك والسكاكين . والزجاجات الفارغة ......
والاقلام والاوراق . وبقيت فى مكانها هذا منذ اكثر من مائتى سنة!
اما الذى فعله الاستاذ كوش فهو ما لا يتصوره احد- وان كان الاستاذ كوش قد سجل ذلك فى كتابه . لقد امضى ليلة فى الغرفة الرئيسية .. نام ...ونام .... وبعد ايام الف كتابه هذا . وبعد صدور هذا الكتاب بسبعة اسابيع مات فى فراشه . وقد وجدوه جالسا فى مكتبه . كانه تعب من القراءه والكتابة فقرر ان ينام فى مكانه!
نعود الى عهد الملك جورج الثانى وزوجتة التعيسة الملكة كارولين التى سمعت بقصة هذا البيت كاملة . ولم تشاء ان ترويها لاحد وانما افضت بسرها الى احدى وصيفاتها . واوصت بكل شئ بعد ان تموت . ولكن الوصية لم تنفذ . فالوصيفة قد ماتت بعد وفاة الملكة ولم يعرف احد بهذه الوصية الا بعد ذلك بمائتى سنة .وكان الاستاذ كوش هو الذى اكتشف سر الملكة وسر ( هذا) البيت .
ففى سنة 1730 تكونت جمعية من سبة من الشبان . هذه الجمعية اسمها (السبعة الدائمين احياء او ميتين) . هذه الجمعية تضم سبعة من الشبان تتراوح اعمارهم بين الثانيه والعشرين والثلاثين .
هؤلاء الشبان اعتادو ان يلتقو فى هذا البيت فى اليوم الثانى من شهر نوفمبر من كل سنة . هذا اليوم هو ( يوم جميع الارواح ) .
وليس عندهم برنامج يناقشونه .وانما ياكلون ويشربون ويرقصون ويغنون ويلعنون كل المقدسات من اولها الى اخرها ومن كل دين! وفى ساعة متاخرة من الليل يهدا الجميع ويعودون الى بيوتهم على امل ان يستانفو اجتماعهم الايام السبعة التالية ...
ومن الغريب ان هؤلاء الشبان كانوا يحتفظون بمحاضر لجلساتهم والذى يقراء المحاضر التى عثر عليها الاستاذ كوش يندهش كيف ان هؤلاء السكارى يكتبون كل شئ بمنتهى الدقة والاناقة ..
مثلا فى اول اجتماعهم يدور مثل هذا الحوار بينهم:
(اذن نحن قررنا ان نجتمع اليوم . ثم ماذا بعد ذلك .. يسال واحد منهم : لابد ان تكون هناك حكمة .. لابد ان يكون لدى كل واحد منا سبب وجيه ) ويقول اخر:
ليس من الضرورى ان يكون هناك سبب وجيه لاى شئ فليس هناك سبب وجيه لكى تكون انت موجود .. ولا انا ولا اى واحد..اليس هذا صحيحا؟
ويقول اخر : اذن نحن اجتمعنا هنا دون ان يكون عندنا سبب!
ويرد عليه احد الحاضرين: ((ليس من الضرورى ان يكون لكل شئ سبب.. اجتماعنا . وجلوسنا .. وتناقشنا .. لاننا اذا لم نتكلم متنا .. وواضح اننا لا نريد ان نموت .. فقد ارتدينا ملابس ثقيلة خوفا من البرد .. واكلنا خوفا من الجوع .. وضحكنا حتى لا يقضى علينا اليائس .. وكل واحد منا روى قصة غرامة اعتزازا .. وواضح اننا نريد كل الذى فعلناه وهذا يكفى))
ثم يوقعون باسمائهم على محضر الجلسة ...
اما اللائحة الدخلية لهذه الجمعية فتنص على ان الجمعية تتكون من سبعة اعضاء . احياء او موتى فالذى يموت يظل عضوا فاذا مات الجميع انحلت الجمعية . او لم يعد لها وجود !!
وتنص ايضا على ان مبادئ الجمعية غير قابلة للتغير .
وعلى ان الاعضاء دائمون، لا يخرج منها احد ولا يدخلها احد .
وان الذى يتخلف عن الحضور لاى سبب لابد ان يوقع عليه الاعضاء العقوبات المنصوص عليها .. وهناك نص يقول :
ويمكن فى حالة الغضب الشدشد والجنون المطلق عند الجميع ان يتغير اسم الجمعية الى اسم : جمعية الادباء الصامتين فى الموت .
وهناك تحفظ فى محضر الجلسات يقول : هذا فى حالة ايمان الاعضاء بانه لا فائدة من الكلام الذى يقولونه ، او عندما يفقد الاعضاء اية شهية للكلام فيما بينهم . هنا فقط يجب ان يسكتوا الى الابد!
وتوقفت نهائيا محاضر الجلسات يوم 2 نوفمبر سنة 1766 . وجاءت توقيعات الاعضاء فى غاية الوضوح والاناقة .
واكتشف الاستاذ كوش شيئا غريبا بتاريخ 30 نوفمبر سنة 1743 ففى هذا اليوم بالذات ثبت من الدفاتر الرسمية ان رئيس الجمعية واسمة (الان ديرمو) قد اشتبك فى معركة مع احد خصومه الذى اصابه بالسيف فى بطنة وراح ينزف من فمه حتى مات فى باريس . هذه حقيقة مؤكدة . وفى نفس هذا اليوم انعقد اجتماع
( جمعية السبعة ) فى كمبريدج وجلسوا وتناقشوا ووقعوا بامضاءاتهم السبعة فى نهاية الجلسة . والجلسة قد رفعة بعد منتصف الليل بقليل . ومن المؤكد ان الرئيس (ديرمو) قد قتل قبل هذا الموعد بدقائق فى باريس ! اى ان هذا الشاب قد قتل فى باريس وحضر الاجتماع الذى استغرق اربع ساعات فى مدينة كمبريدج والمسافة بين المكانين تقدر بمئات الاميال فى عصر ليس به طائرة ولا اى اتصال سلكى او لا سلكى .
وفى محضر الجلسة قال الرئيس: اننا ملتزمون باللائحة الدخلية للجمعية . فالواحد هنا يظل عضوا فى الجمعية حيا او ميتا .
ولما ساله احد الاعضاء : وهل هذا معقول؟
فقال الرئيس طبعا معقول .. اعطنى شيئا معقول واحد فى هذه الدنيا وانا اجد فيه شيئا لا معقول !!!
ثم اخرج من جيبه كتابا صغيرا اسود ووضعه على رأسه وهو يقول: خصوصا هذا الكتاب - ثم القاه على الارض !
ولاول مرة فى تاريخ الجمعية بعد ان يتم اقفال المحضر ، يعودون ويقررون ان الرئيس قد مات! وان واحد منهم يجب ان يقوم بدور الرئيس! كيف انهم لم يشعروا بانه مات ثم كيف عرفوا انه مات بعد وفاتة بدقائق ؟ ثم كيف انهم لم يدركوا اى تغير فى الشخص الذى كان معهم بعد ان مات؟!
وفى اليوم التالى اعلن الرئيس ( ديرمو) انه اصبح عضوا ميتا ،
وكتب بخط يده ذلك . ويقول الاستاذ كوش : ان خطه كان انيقا جدا....
وفى 2 نوفمبر من العام التالى انعقد الاجتماع فى نفس المكان ..
واعلن واحد من الاعضاء انه اصبح عضو ميتا . اما هذا العضو فهو من ضباط الحرس الملكى وقد كانت وفاته معروفة . فهو قد ركب احد الخيول وعندما اراد ان يقفز به من احد التلال سقط ميتا. ، ومن الثابت فى دفاتر القصر ان هذا الضابط قد توفى قبل انعقاد الجمعية بساعات قليلة . ولكن الاستاذ كوش عندما قارن بين امضاء هذا الضابط (ميتا) وامضائه وهو (حيا) لم يجد ادنى فارق!!!
واقام الاعضاء الخمسة الباقون حفلة العشاء التقليدية ولكنهم انزعجو عندما اكتشفو الحقيقة المخيفة انهم ياكلون ويشربون مع اثنين من الموتى . وتفرقوا . بعد ان اتخذو قرارا الا يجتمعوا بعد ذلك ... وفى العام التالى ودون ان يوجهوا الدعوة للحضور ، التقوا فى نفس البيت وفى نفس الغرفة ... واعلن واحد اخر انه اصبح عضو ميتا وتحرر محضر بذلك ووقعوا باسمائهم!!
وبعد اسبوع توفى عضو رابع وبعد شهرين توفى عضو خامس..
وفى يوم 2 نوفمبر سنة 1766 ذهب الى مكان الاجتماعات العضو الوحيد الباقى.. وكان فى نيته ان يشرب وان يرقص وحده وان يغنى وان يشعل النار فى المكان . . وان يحرق دفاتر الاجتماعات . وذهب ، وفتح الدفاتر وكتب انا العضو الوحيد الباقى قررت ان انهى كل شئ .. وان احرق الوثائق التى تدل على هذا العمل الجنونى .. الذى لا اعرف كيف حدث .. ولا كيف اجىء الى هذا المكان رغم حرصى على الا اجىء .. اننى ارى طريقا فامشى .. واقف امام باب ينفتح .. واضع رجلى على عتبة الباب فيحملنى السلم الى اعلى ... واجلس على مقعد يندفع الى الامام واسحب دفتر مفتوحا وامد يدى الى قلم يسبقنى الى الورق
واكتب واوقع باسمى .. وافاجأ بان ستة امضاءات اخرى وقد تراصت الواحدة الى جوار الاخرى .... ولكن سوف احرق كل شئ ......
ولم يستطع ان يفعل اى شئ.
وانما جاء فى المحضر ان العدد القانونى قد تكامل وان على العضو الباقى ان يعلن نفسة عضوا ميتا ... ومن الثابت ان العضو السابع واسمه الاستاذ بلاسيس مدرس الادب الانجليزى قد عاد فى نفس الليلة الى بيته ومات فى الساعة الحادية عشرة واربعون دقيقة .. وفى المحضر يعلنون انهم اصبحو جميعا اعضاء موتى ..... ويختمون اجتماعهم بتحطيم كل شئ فى البيت
النوافذ والابواب والمقاعد والاكواب والاطباق .. ولكن بقى هذا الدفتر كما هو ليهتدى اليه الاستاذ كوش بعد قرنين فى احدى مكتبات جامعة كمبريدج .
وفى 2 نوفمبر من كل عام يسمع الناس ضوضاء واصواتا غريبة صارخة تنطلق من هذا البيت . فاذا دخل احد لم يجد اى اثر لاى شئ .. ولم يجد اثر لهذه الاطباق او المقاعد ..
وفى اخر ايام الاستاذ كوش اعلن انه بالرغم من كل ما كتب وما روى وما سمع فى غرفة الاجتماعات التى نام فيها ليلة ، فانه لا يجد تفسير لما سمع وراى وقرأ ، وما يرويه الناس فى كل مكان .انه فى دهشة .. ولا يكذب ما يروى ، ولكن لا يعرف كيف يثبته بالفعل !
وفى يوم 2 نوفمبر سنة 1940 توفى هذا الاديب والمؤرخ الكبير!!!!..
اقتباسات من كتاب أرواح وأشباح
*أنيس منصور*[center]