تخطيط المدن وعمارتها :
المدينة :
عرف أرسطو المدينة بأنها المكان الذي يعيش فيه الناس حياة جماعية من أجل هدف نبيل .
أما ابن خلدون فيقول في مقدمته :
إن المد ن قرار تتخذه الأمم عند حصول الغاية المطلوبة من الترف ودواعيه . فتؤثر الدعة والسكون وتتوجه إلى اتخاذ المنازل للقرار .
إذن المد ينة هي تجمع سكاني كبير أوجدته ا لظروف التي قد تكون اجتماعية أ و اقتصادية أو عسكرية أو لضرورة من الضرورات وهي تجمع مدني بحاجة للتنظيم لكي يستمر ويختلف عد د هذا التجمع من مكان لآخر حسب ضرورته
تكون المدن:
هناك أسباب عديدة لتكون المدن . وقد يكون أحدها الموقع أ والنشاط الاقتصادي والصناعي وتوفر الأمن وان تباينت أسباب نشوء المدن قد يما أو في مرحلة متأخرة إلا أن الأسباب الجوهرية واحدة ويلعب عدد السكان دورا أساسيا في نمو المدن ويتأثر تخطيط المدن بالمعطيات الحضارية والطبيعية التي قد يفرضها واقع جديد للمدن وقد يكون هذا النمو أفقيا أو عموديا حسب احتياجات السكان . وقد تحدث قفزات انفجارية خلال مراحل معينة من تطور المدن تحدث خللا د يمغرافيا حيث تتشكل أحزمة من البيوت حول المدن تفتقر للتخطيط والخدمات وتمتد عشوائيا دون ناظم وغالبا ما يكون هذا التشكل في الدول النامية ناتجا عن الهجرة من الريف ويترافق مع المشاكل الاجتماعية نتيجة الانتقال إلى بيئة جديدة والاكتظاظ السكاني. والوضع الاقتصادي وتنشأ أزمات سكانية وسكنية حيث يلعب الفساد الحكومي دورا كبيرا وذلك بالتغاضي عن المخالفات مقابل رشاوى حيث تصبح هذه المخالفات أمرا واقعا من الصعب إزالته (القاهرة – دمشق ) ونستنتج من المقارنة التي أجراها العالم – بول .ر . أهرليخ – في كتابه (القنبلة السكانية ) تضاعف عدد السكان . حيث قدر أن عدد سكان الكرة الأرضية سيبلغ سنة (2025 ) 14 مليار نسمة وهذا النمو سيخلق مشاكل كثيرة تعجز الحكومات عن حلها وقد تبتلع المدن القرى المحيطة بها وتشكل كثافة سكانية كبيرة حيث تتشكل عقبة اجتماعية واقتصادية من الصعب تخطيها ..إن قاسما مشتركا يجمع المدن العربية سواء المدن القديمة أو المدن التي نشأت في العقود الأخيرة وهذا القاسم هو ( الجامع ) الذي غالبا ما يحتل مركز المدينة الأبرز حيث يشكل مركز استقطاب الحركة سواء كانت متعامدة أو شعاعية وقد بدأ الاهتمام بتخطيط المدينة العربية لتلبي احتياجات السكان وذلك مع دخول ثورة النقل والمواصلات ومع الانفتاح الحضاري وبدأ نمطا جديدا من التخطيط يغير من بنية الشكل القديم للمدينة . وقد تلقف تجار البناء هذا الأحتيا ج ليقوموا وبشكل حثيث باجتثاث المباني القديمة ذات الطابع الكلاسيكي والتراثي ليقيموا مكانها أبنية حديثة ذات أبراج وبدأت المدن تأخذ شكلا عموديا إلا أنه وبشكل متأخر بدأ التنبه إلى أهمية العمارة التراثية وبدأت تتشكل اتجاهات جديدة للمحافظة على هذة العمارة ولعل من أهم المدافعين عن هذه العمارة المهندس الإيطالي (كميليو ستي ) الذي اهتم بالناحية الجمالية لهذه العمارة وكتابه (فن تنظيم المدن ) أولى القيم الجمالية لتصميم المدينة وساحاتها أهمية كبيرة إلا أنه وفي بعض الدول تحولت هذه البيوت إلى مناطق جذب سياحي حيث رممت وأهلت لتكون مطاعم أو فنادق أو أما كن لسماع الموسيقى وسنت تشريعات وقوانين في معظم دول العالم لحماية هذا التراث ووضعه تحت الحماية .
المدينة العربية والإسلامية (نظرة تاريخية )
شيد العرب قبل الإسلام عددا من المدن والأبراج والحصون في شبه الجزيرة العربية في اليمن وحضرموت والحجاز وعمان وغيرها كمكة ويثرب والطائف وصنعاء وغالبا ما كانوا يسورون مدنهم بسور محكم وقد استخدموا الخامات المتوفرة مثل الحجارة أو الطوب أو المجلوبة من مناطق أخرى مثل الرخام الملون كما بنوا السدود القريبة من المدن لري الأراضي الزراعية والشرب وعندما انتشر الإسلام أخذ تأسيس المدن وتخطيطها ينتشر مع موجة الفتوحات خاصة حول مجاري الأنهار كا البصرة والكوفة والفسطاط وكانوا إذا أرادوا بناء مدينة ارتادوا الأماكن المختلفة لمعرفة صلاحية المكان سواء من الناحية الطبوغرافية أو الاقتصادية مثل بغداد وسامراء التي بنيت على ضفة دجلة .
ويبدو أن بعض المدن العربية لم يتم بناءها ارتجالا إذ أن هندسة المدن وبناء مرافقها كانا خاضعين للتنظيم فعندما بنيت مدينة البصرة تم تخطيطها على الأرض بوضع علامات واستخدم لذلك الكلس أو الجبس وأحيانا الرماد كما رسموا الخرائط والمصورات والزخارف على الورق أو الجلود والأقمشة , وقد أوجد المخططون حلولا للمشاكل الإنشائية التي كانت تعترضهم ويحثوا في أمور فنية لها علاقة بطرق البناء والتصميم واستعاروا أنماطا من الأمصار الا سلامية كما بحثوا قضية الماء واستجراره بواسطة الدواليب عبر أقنية وفوارات وبنوا الأحواض ورفعوا المياه إلى القصور عبر أنابيب من الرصاص كما بنوا القناطر التي تسهل حركة المياه وتوزيعها.
والملاحظ أن أنماط المدن العربية الإسلامية قد استفادت من الطراز الهليني المنتشر في حوض البحر المتوسط والنمط الموجود جنوب شبه الجزيرة العربية مثل مدينة صنعاء وقد تمثل ذلك النمط في مكة والفسطاط كما استفادوا من الطراز البابلي في العمارة ويبدوا أن الشغف بالبناء قد ترافق مع الفتوحات والاختلاط بالشعوب التي دخلت الإسلام ولم يقتصر ذلك على الخلفاء والحكام بل إلى قادة الجند والطبقات الموسرة وقد كان للبيوت نظامها في التخطيط والبناء حسب الوجود الجغرافي لها فقد كان للبيوت في بلاد الشام مدخل يبدأ بدهليز يؤدي إلى صحن غالبا ما يكون مستطيل الشكل تحيط به ممرا ت ذات أعمدة وتبلط أرضية الصحن بشكل زخارف ويتوسطه بحرة في وسطها نافورة وتتوزع الغرف على مدار الصحن ليكون لكل غرفة اسما مرتبطا بحاجتها الأستعمالية .
سنتناول مدينتين عربيتين احداهما مشرقية والأخرى مغربية أثناء فترة الازدهار العمراني لكل منهما مع نمط تخطيطها وبنائها .
بغداد:
بنيت بغداد بناء على طلب من الخليفة المنصور عام 762 وفق نظام دائري قطره2638 م تقريبا وتم تحديده رسما على الأرض وقد بني الجامع وقصر الخليفة في الوسط وشيدت منازل كبار الضباط وموظفي الدولة خلف ساحة الاستعراض , وعلى الضفة الشرقية للنهر بنيت الثكنات .وبنيت الأسواق في أماكن محددة فرضتها نوعية التجارة , والخانات والمطاعم وتوسعت المدينة تباعا أما الشوارع الرئيسية فقد كانت رحبة وبعرض لا يقل عن الأربعين زراعا ومن المسجد الجامع وقصر الخليفة تفرعت الطرق الرئيسية با لاتجاهات الأربعة أما الطرق الفرعية فقد تشعبت لتخدم سكن العامة أنشى في كل جانب من جوانب المدينة عدة أبواب تعلوها أبراج عالية يحيط بها سور عريض تتلوه قناة مائية تلتف حوله وعلى الرغم من أن الخليفة قد هجر المدينة إلا أنها نمت وأصبحت مركزا تجاريا واقتصاديا وثقافيا وأصبحت من أكبر مدن العالم وصار سوقها التجاري من أكبر الأسواق في العالم.ولم يستمكل بناء المدينة إلا في عام 150 للهجرة
قرطبة:
قرطبة عاصمةالأند لس وهي مركز ثقافي وعلمي وحضاري وعمراني متطور كانت المساجد والمنازل والقصور منبثة في أرجائها أما قصور الأسرة المالكة وكبار الملاك و التجار فقد بنيت على امتداد النهر العظيم . وعلى النهر بني جسرا من الحجارة ذو سبعة عشر عقدا عرض كل واحد منها خمسون شبرا , ويقال أن الإنسان يستطيع أن يسافر عشرة أميال على ضوء مصابيح الشوارع . أما شوارعها فكانت مرصوفة وهناك قنوات تنقل ماء الشرب إلى الحدائق والمنازل والفساقي والحمامات وكثرت الجسور فيها . بنيت المدينة في موقع جميل وتم بنائها على شكل مستطيل وكانت منيعة بتحصيناتها وباتت واحدة من مدن العصر الثلاث العظمى بغداد والقسطنطينية وقد أفسح تخطيطها إلى وجود مساحات زراعية كبيرة عدى الحدائق التابعة للقصور أو الحدائق العامة الموزعة في أنحاء المدينة ونتيجة تعاظم عدد السكان إذ بلغ أكثر من نصف مليون فقد امتد عمرانها كثيرا وامتازت قرطبة بأبوابها الضخمة وعمدها الرخامية وأرضها المرصوفة وقد استمرت قرطبة تحمل هذا التميز ما بين الأعوام 711 – 1231 وظلت طوال هذه الفترة مركز إشعاع حضاري . استنارت منه أوربة زمنا طويلا
منظمة المدن العربية
تغطي منظمة المدن العربية مجالات البيئة والتخطيط العمراني وإدخال التكنلوجياالحديثة على صعيد الحاسوب والخرائط الجغرافية الرقمية , وتعل المنظمة على الاستفادة من خبرات الأمم المتحدة والمدن المتقدمة وذلك لتسهيل وتطوير الأداء في بلديات المدن العربية . تقرر إقامة مؤ تمر المدن العربية والأوربية في كانون الثاني من العام 2003 في مدينة أبو ظبي .
· تخطيط المدن العربية
يخضع تخطيط المدن سواء المدن الخاضعة للتوسع أو المدن الجديدة لمنهج تنظيمي عام حدده (لو كوربوزيه ) برسوم وأنظمة تحدد المبادىء والطرق لإعادة صهر التجمعات ونموها ضمن المدن مع المحافظة على الثروة التاريخية والطبيعية ومبينا الأماكن التي يجب أن تزال , وهو لا يحتوي على تفاصيل معمارية ولكنه يحدد المعالم المعمارية .كما كما أنه يحدد المبادىء والتوجيهات العامة وعلى هذا يكون المخطط وما يحويه من معلومات له صفة التوجيه وليس صفة التنفيذ وبذا يكون قد ترك للمخطط التوجيهي حرية خصوصية كل مدينة . الا أنها تبقى مشمولة بالتصنيفات التي وضعها . والمخطط التنظيمي يلحظ الحقبة الزمنية التي يمكن التنبؤ بها وهي عادة ما تكون عشرين عاما .وقدتكون هناك تطورات خارج دائرة الحسبان والتوقعات لذا يحسب للمخطط أن يكون مرنا ليحقق متطلبات التغيير الطارئة .
ولا بد من أن يلحظ المخطط مايلي :
- المناطق السكنية والكثافة السكانية فيها .
- مناطق العمل وتوزيعها
- مواقع المرافق العامة وتجهيزاتها
- مواقع المناطق الأثرية ومواقع الأبنية الموضوعة تحت الحماية ,ومناطق الحماية الطبيعية
- مواقع الحدائق والساحات العامة والمتنزهات
- مواقع شبكة الطرق والمطارات 0(المرافىء .الطرق النهرية , محطات القطارات
هناك عدة عوامل تتبادل التأثير فيما بينها . منها ماهو اقتصادي و منها ماهو جغرافي أو بيئي أو اجتماعي أو تاريخي وغيرها وهذه العوامل تتطور زمانيا ومكانيا وتأثيرها متبادل فيما بينها ولذا يضعها مهندس التخطيط وفريق عمله في الحسبان ,و لعل أفضل المخططات هو الذي تستطيع المدينة تنفيذه .إن مدينة اليوم هي امتداد لمدينة الماضي . لذا تكون مدينة المستقبل امتداد لهما , وقد بدأ الاهتمام الفعلي بتخطيط المدن العربية في خمسينات القرن المنصرم .وقد تعاقدت الأمم المتحدة مع الدكتور سيد كريم الحاصل على درجة الماجستير والدكتوراه من جامعة زيوريخ في تخطيط المدن على تخطيط مدن العا لم العربي في كل من السعودية والأردن والكويت والجزائر والمغرب وذلك في العام 1956 . وقد خطط مدينة بغداد الجديدة , ودمشق الجديدة
وخليجيا كانت جدة هي البداية وقد راعى في تخطيطها الجدول الزمني الخمسيني أي وضع المدينة بعد خمسين عاما وفي العام 1999 احتفل السعوديون بمرور أربعين عاما على إقامة جدة الحديثة .
أما مدينة أبو ظبي فعندما بدأ بتخطيطها وذلك في العام 1968 لم يكن بها فنادق أو طرق معبدة أو عمارات حديثة وقد راعى في تخطيطها شبكة طرق حديثة وعريضة ذات مواصفات ت عالمية مع خصوصية البيئة والتطور الذي بدأ ت رياحه تهب على المنطقة .
في العام 1985 افتتحت حديقة المطار الجديد بمساحة 25 هكتار بهندسة رائعة شملت خدمات منطورة إلى جانب الإشغالات الزراعية التزيينية من أشجار ومساحات خضراء ومساحات مائية ويعتبر شارع المطار القديم مفخرة حضارية بالتزيينات الزراعية على جانبيه من أشجار وورود بتنسيقات ساحرة وفوا رات مائيه صناعية وبحيرات والأراضي المزروعة في أبو ظبي بلغت 400ألف هكتار علاوة على ما يقارب المليون شجرة . وهذا ما ميز مدينة أبو ظبي بكثرة المساحات الخضراء والبحيرات الصناعية والنوافير , وانتقلت كا لحلم من مدينة صحراوية إلى مدينة مزدهرة تنافس أحمل مدن العالم .
سنتناول بداية تخطيط كل من مدينة الكويت ومدينة دمشق كنموذجين للمدن العربية .
الكويت :
بدأت معالم التغيير في مدينة الكويت مع اكتشاف النفط . وكانت معظم المشاريع الإنشائية موكولة إلى الإنكليز ومنها تخطيط المدينة . إلا أن أمير الكويت الشيخ عبد
الله السالم الصباح أصدر قرارا بوقف أعمال المقاولين الإنكليز وطلب من الدكتور سيد كريم بتخطيط مدينة الكويت كلها . وقد حافظ على المدينة القديمة التي تقع على الخليج الكويتي با تجاه البحر وكانت تبلغ مساحتها حوالي ثمانية كيلو مترات مربعة
وحتى العام 1947 كان يحيط بها سور طيني بني على عجل خلال شهر رمضان في
العام 1921 للدفاع عن المدينة وكانت بيوتها صغيرة ومشيدة حول الطرق الرئيسية بهندسة بسيطة وخامات طينية , وكان سورها يطوقها مبتدأ بالبحر ومنتهيا به وله أكثر من بوابة ولكل منها تسميته الخاصة به .
تميز التطور العمراني بمرحلتين:
1-المرحلة الأولى وتميزت فيها العمارة بطابع عفوي وذلك با ستخدام الخامات المحلية وكانت هذه المرحلة ما قبل العام 1952 , البيوت تجاورت بشكل حميمي متكأة على بعضها مفسحة فيما بينها لدروب تضيق أو تتسع لعبور المارة حيث تشكل حيطانها وحدة متجانسة أوجدتها فطرة المعمار الذي أ وجد حلولاً لعمارته مستقاة من خصوصية البيئة والعادات الاجتماعية التي تلم أهل المدينة في كل مناسبة وقد استخدم الطين كمادة أساسية في البناء مدعوماً بخامات أخرى كصخور البحر والأخشاب وغيرها . وستفيق هذه المرحلة على المرحلة اللاحقة وقد فغرت فاها بجاهزية مطلقة
لابتلاعها دون غصة .
2-المرحلة الثانية: وهي مرحلة النفط وامتدت ما بين العام 1952 وحتى الآن وفيها بدأت الكويت كمدينة تفقد خصوصية العمارة التراثية وتدخل عالم العمارة الحديثة وقد مرت بسبعة مراحل من التخطيط بدءاً من العام 1952 وحتى العام 1995 ورغم أن كل مخطط حاول أن يحدث لحمة وسدى مع ما سبقه إلا أن التنافر العمراني الذي نفذ بصيغ مختلفة من العمارة وبدت سماء المدينة تعج بخليط من الإرتفاعات والتكوينات الهندسية, وبدت الكويت وكأنها تزحف نحو الأعلى تاركة الأرض ومن عليها .إلا أن الإتساعات الكبيرة وعدم الإ كتظاظ فيما بين العمائر أحدث خللاً أفسح للعين أن ترى الكثير من الجمال بتنويعات الخضرة التي تريح البصر, والنوافير التي تزين فراغ المكان
وتنقل الإحساس بالرطوبة في بيئة حارة , ومساحات الورود التي تنبثق بشكل مدروس
وتلاصق المدينة مع البحر الذي جعلها تشرف على اتساعه اللامحدود, وبدأت البيئة الصحراوية كمكان تخلي مواقعها بالتدريج أمام زحف العمارة الحديثة . إن المخططات التنظيمية التي وضعت بمراحلها السبعة لم تفسح المجال للفوضى أن تنمو برعاية النظام العام وأن تنشأ مدينة ظل حول المدينة الحديثة , والرحابة التي تلحظ في أقسام المدينة بتخطيطها المتنوع وحسن التنظيم تجعلها منافسة لأكثر المدن حداثة ..
دمشق :
وضع المخطط التنظيمي الأول لمدينة دمشق في مرحلة الانتداب الفرنسي لسورية
وذلك في العام1936من قبل المعماريين الفرنسيين دانجيه وايكوشار , وقد انصب اهتمامها على الساحات الدائرية تصب فيها مجموعة شوارع رئيسية . كان نمو المدينة
بطيئاً لذا استوعب المخطط هذا النمو لسنوات, إلا أن تعديلات جرت على المخطط دون أن تمس بجوهره فأ ضيفت مقاسم جديدة لاحتواء أبنية ترتفع حتى الثلاث طوابق وأضيفت ضاحية جديدة هي ضاحية المزة وهذه الأجزاء ظلت ملحقة بالمدينة القديمة, وفي العام 1963 كلف ايكوشار بوضع مخطط تنظيمي جديد لمدينة دمشق وضع الاعتبار فيه توسع المدينة حتى العام 1984 على أن يكون التوسع باتجاه الجبال
الجرداء المحيطة بالمدينة وذلك لضرورة المحافظة على غوطة دمشق كرئة للمدينة .
إلا أن ذلك لم يتحقق بسبب البناء العشوائي الذي زنر المدينة حتى بلغت نسبة
سكان العشوائيات36/ من سكان مدينة دمشق ، وقد مضى على تحضير المخطط
الجديد للمدينة أكثر من 12عاماً دون نتيجة ملموسة في ظل بيئة عمرانية متحركة
حتى في الساعة . وما زال المخطط بعد كل المراحل التي تم الحديث عنها متعثراً
وفشلت كل الجهود في استكماله ومازالت الشركة العامة للدراسات والأستشارات
الفنية تتخبط في كل الاتجاهات دون أن تعطي شيئاً سوى الوعود بسبب غياب
الكفاءات المؤهلة .
ويمكن تقسيم المدينة إلى الأقسام التالية: 1- العمارة القديمة المتمركزة في الأحياء
التاريخية 2- الأبنية الأسمنتية التقليدية 3- الفيلات ذات الطراز الأوربي.
4- الأبراج التي أقيمت مكان الأبنية التراثية 5- السكن العشوائي الذي نما بشكل سرطاني حول المدينة . وسنلاحظ نتيجة ذلك تآكل الأراضي الزراعية ، والتنوع المعماري الهجين التي تتجاور فيه كل طرز ا لعمارة . وقد شكل السكن العشوائي
مشكلة كبيرة لمدينة دمشق منها الإساءة لتعريف مقومات المدينة التاريخية
القديمة واضمحلالها .والتوغل في أحيائها التاريخية واجتثاث أبنيتها وحلول الأبراج مكانها وهي أزمة بات من المستحيل السيطرة عليها ومن مؤشراتها صعوبة تنفيذ المخطط التنظيمي الموضوع للمدينة ثم أنها كرست مبدأ التجاوز على القانون والنظام العام الذي يفترض أنه وضع لقمع المخالفات السكنية, وتعذر تنفيذ شبكة مياه وصرف صحي وزيادة تلوث المياه الجوفيه, وصعوبة تصريف القمامة وذلك لصعوبة المواصلات والتضخم السكاني حول المدينة وما يسببه من مشاكل اجتماعية واقتصادية وبيئية .
المراجع:
1- م. فواز مصطفى (مبادىء تنظيم المدينة )
2- د. م . الغفري أحمد ( تخطيط الشوارع في المدن )
3- م. الساطي هشام – سيروان وليد ز (تصورات حول ظاهرة السكن العشوائي في مدينة دمشق ) ندوة
4- د. م . درغام وليد ( السكن في سورية ) دراسة جمعية العلوم الاقتصادية في سورية
5- د. م كريم ( أسرار المدن الخليجية ) جريدة الخليج بترتيب مع وكالة الأهرام الأهرام للصحافة
6- موقع بلدية الكويت على الشبكة
منقول
سورية - مصياف – بانوراما للتصوير والإعلان –
نزار شاهين – مصور ضوئي –فنان تشكيلي – مهتم بالعمارة التراثية والحديثة
البحث منشور في جريدة الفنون الكويتية العدد – 52 - 2005
المدينة :
عرف أرسطو المدينة بأنها المكان الذي يعيش فيه الناس حياة جماعية من أجل هدف نبيل .
أما ابن خلدون فيقول في مقدمته :
إن المد ن قرار تتخذه الأمم عند حصول الغاية المطلوبة من الترف ودواعيه . فتؤثر الدعة والسكون وتتوجه إلى اتخاذ المنازل للقرار .
إذن المد ينة هي تجمع سكاني كبير أوجدته ا لظروف التي قد تكون اجتماعية أ و اقتصادية أو عسكرية أو لضرورة من الضرورات وهي تجمع مدني بحاجة للتنظيم لكي يستمر ويختلف عد د هذا التجمع من مكان لآخر حسب ضرورته
تكون المدن:
هناك أسباب عديدة لتكون المدن . وقد يكون أحدها الموقع أ والنشاط الاقتصادي والصناعي وتوفر الأمن وان تباينت أسباب نشوء المدن قد يما أو في مرحلة متأخرة إلا أن الأسباب الجوهرية واحدة ويلعب عدد السكان دورا أساسيا في نمو المدن ويتأثر تخطيط المدن بالمعطيات الحضارية والطبيعية التي قد يفرضها واقع جديد للمدن وقد يكون هذا النمو أفقيا أو عموديا حسب احتياجات السكان . وقد تحدث قفزات انفجارية خلال مراحل معينة من تطور المدن تحدث خللا د يمغرافيا حيث تتشكل أحزمة من البيوت حول المدن تفتقر للتخطيط والخدمات وتمتد عشوائيا دون ناظم وغالبا ما يكون هذا التشكل في الدول النامية ناتجا عن الهجرة من الريف ويترافق مع المشاكل الاجتماعية نتيجة الانتقال إلى بيئة جديدة والاكتظاظ السكاني. والوضع الاقتصادي وتنشأ أزمات سكانية وسكنية حيث يلعب الفساد الحكومي دورا كبيرا وذلك بالتغاضي عن المخالفات مقابل رشاوى حيث تصبح هذه المخالفات أمرا واقعا من الصعب إزالته (القاهرة – دمشق ) ونستنتج من المقارنة التي أجراها العالم – بول .ر . أهرليخ – في كتابه (القنبلة السكانية ) تضاعف عدد السكان . حيث قدر أن عدد سكان الكرة الأرضية سيبلغ سنة (2025 ) 14 مليار نسمة وهذا النمو سيخلق مشاكل كثيرة تعجز الحكومات عن حلها وقد تبتلع المدن القرى المحيطة بها وتشكل كثافة سكانية كبيرة حيث تتشكل عقبة اجتماعية واقتصادية من الصعب تخطيها ..إن قاسما مشتركا يجمع المدن العربية سواء المدن القديمة أو المدن التي نشأت في العقود الأخيرة وهذا القاسم هو ( الجامع ) الذي غالبا ما يحتل مركز المدينة الأبرز حيث يشكل مركز استقطاب الحركة سواء كانت متعامدة أو شعاعية وقد بدأ الاهتمام بتخطيط المدينة العربية لتلبي احتياجات السكان وذلك مع دخول ثورة النقل والمواصلات ومع الانفتاح الحضاري وبدأ نمطا جديدا من التخطيط يغير من بنية الشكل القديم للمدينة . وقد تلقف تجار البناء هذا الأحتيا ج ليقوموا وبشكل حثيث باجتثاث المباني القديمة ذات الطابع الكلاسيكي والتراثي ليقيموا مكانها أبنية حديثة ذات أبراج وبدأت المدن تأخذ شكلا عموديا إلا أنه وبشكل متأخر بدأ التنبه إلى أهمية العمارة التراثية وبدأت تتشكل اتجاهات جديدة للمحافظة على هذة العمارة ولعل من أهم المدافعين عن هذه العمارة المهندس الإيطالي (كميليو ستي ) الذي اهتم بالناحية الجمالية لهذه العمارة وكتابه (فن تنظيم المدن ) أولى القيم الجمالية لتصميم المدينة وساحاتها أهمية كبيرة إلا أنه وفي بعض الدول تحولت هذه البيوت إلى مناطق جذب سياحي حيث رممت وأهلت لتكون مطاعم أو فنادق أو أما كن لسماع الموسيقى وسنت تشريعات وقوانين في معظم دول العالم لحماية هذا التراث ووضعه تحت الحماية .
المدينة العربية والإسلامية (نظرة تاريخية )
شيد العرب قبل الإسلام عددا من المدن والأبراج والحصون في شبه الجزيرة العربية في اليمن وحضرموت والحجاز وعمان وغيرها كمكة ويثرب والطائف وصنعاء وغالبا ما كانوا يسورون مدنهم بسور محكم وقد استخدموا الخامات المتوفرة مثل الحجارة أو الطوب أو المجلوبة من مناطق أخرى مثل الرخام الملون كما بنوا السدود القريبة من المدن لري الأراضي الزراعية والشرب وعندما انتشر الإسلام أخذ تأسيس المدن وتخطيطها ينتشر مع موجة الفتوحات خاصة حول مجاري الأنهار كا البصرة والكوفة والفسطاط وكانوا إذا أرادوا بناء مدينة ارتادوا الأماكن المختلفة لمعرفة صلاحية المكان سواء من الناحية الطبوغرافية أو الاقتصادية مثل بغداد وسامراء التي بنيت على ضفة دجلة .
ويبدو أن بعض المدن العربية لم يتم بناءها ارتجالا إذ أن هندسة المدن وبناء مرافقها كانا خاضعين للتنظيم فعندما بنيت مدينة البصرة تم تخطيطها على الأرض بوضع علامات واستخدم لذلك الكلس أو الجبس وأحيانا الرماد كما رسموا الخرائط والمصورات والزخارف على الورق أو الجلود والأقمشة , وقد أوجد المخططون حلولا للمشاكل الإنشائية التي كانت تعترضهم ويحثوا في أمور فنية لها علاقة بطرق البناء والتصميم واستعاروا أنماطا من الأمصار الا سلامية كما بحثوا قضية الماء واستجراره بواسطة الدواليب عبر أقنية وفوارات وبنوا الأحواض ورفعوا المياه إلى القصور عبر أنابيب من الرصاص كما بنوا القناطر التي تسهل حركة المياه وتوزيعها.
والملاحظ أن أنماط المدن العربية الإسلامية قد استفادت من الطراز الهليني المنتشر في حوض البحر المتوسط والنمط الموجود جنوب شبه الجزيرة العربية مثل مدينة صنعاء وقد تمثل ذلك النمط في مكة والفسطاط كما استفادوا من الطراز البابلي في العمارة ويبدوا أن الشغف بالبناء قد ترافق مع الفتوحات والاختلاط بالشعوب التي دخلت الإسلام ولم يقتصر ذلك على الخلفاء والحكام بل إلى قادة الجند والطبقات الموسرة وقد كان للبيوت نظامها في التخطيط والبناء حسب الوجود الجغرافي لها فقد كان للبيوت في بلاد الشام مدخل يبدأ بدهليز يؤدي إلى صحن غالبا ما يكون مستطيل الشكل تحيط به ممرا ت ذات أعمدة وتبلط أرضية الصحن بشكل زخارف ويتوسطه بحرة في وسطها نافورة وتتوزع الغرف على مدار الصحن ليكون لكل غرفة اسما مرتبطا بحاجتها الأستعمالية .
سنتناول مدينتين عربيتين احداهما مشرقية والأخرى مغربية أثناء فترة الازدهار العمراني لكل منهما مع نمط تخطيطها وبنائها .
بغداد:
بنيت بغداد بناء على طلب من الخليفة المنصور عام 762 وفق نظام دائري قطره2638 م تقريبا وتم تحديده رسما على الأرض وقد بني الجامع وقصر الخليفة في الوسط وشيدت منازل كبار الضباط وموظفي الدولة خلف ساحة الاستعراض , وعلى الضفة الشرقية للنهر بنيت الثكنات .وبنيت الأسواق في أماكن محددة فرضتها نوعية التجارة , والخانات والمطاعم وتوسعت المدينة تباعا أما الشوارع الرئيسية فقد كانت رحبة وبعرض لا يقل عن الأربعين زراعا ومن المسجد الجامع وقصر الخليفة تفرعت الطرق الرئيسية با لاتجاهات الأربعة أما الطرق الفرعية فقد تشعبت لتخدم سكن العامة أنشى في كل جانب من جوانب المدينة عدة أبواب تعلوها أبراج عالية يحيط بها سور عريض تتلوه قناة مائية تلتف حوله وعلى الرغم من أن الخليفة قد هجر المدينة إلا أنها نمت وأصبحت مركزا تجاريا واقتصاديا وثقافيا وأصبحت من أكبر مدن العالم وصار سوقها التجاري من أكبر الأسواق في العالم.ولم يستمكل بناء المدينة إلا في عام 150 للهجرة
قرطبة:
قرطبة عاصمةالأند لس وهي مركز ثقافي وعلمي وحضاري وعمراني متطور كانت المساجد والمنازل والقصور منبثة في أرجائها أما قصور الأسرة المالكة وكبار الملاك و التجار فقد بنيت على امتداد النهر العظيم . وعلى النهر بني جسرا من الحجارة ذو سبعة عشر عقدا عرض كل واحد منها خمسون شبرا , ويقال أن الإنسان يستطيع أن يسافر عشرة أميال على ضوء مصابيح الشوارع . أما شوارعها فكانت مرصوفة وهناك قنوات تنقل ماء الشرب إلى الحدائق والمنازل والفساقي والحمامات وكثرت الجسور فيها . بنيت المدينة في موقع جميل وتم بنائها على شكل مستطيل وكانت منيعة بتحصيناتها وباتت واحدة من مدن العصر الثلاث العظمى بغداد والقسطنطينية وقد أفسح تخطيطها إلى وجود مساحات زراعية كبيرة عدى الحدائق التابعة للقصور أو الحدائق العامة الموزعة في أنحاء المدينة ونتيجة تعاظم عدد السكان إذ بلغ أكثر من نصف مليون فقد امتد عمرانها كثيرا وامتازت قرطبة بأبوابها الضخمة وعمدها الرخامية وأرضها المرصوفة وقد استمرت قرطبة تحمل هذا التميز ما بين الأعوام 711 – 1231 وظلت طوال هذه الفترة مركز إشعاع حضاري . استنارت منه أوربة زمنا طويلا
منظمة المدن العربية
تغطي منظمة المدن العربية مجالات البيئة والتخطيط العمراني وإدخال التكنلوجياالحديثة على صعيد الحاسوب والخرائط الجغرافية الرقمية , وتعل المنظمة على الاستفادة من خبرات الأمم المتحدة والمدن المتقدمة وذلك لتسهيل وتطوير الأداء في بلديات المدن العربية . تقرر إقامة مؤ تمر المدن العربية والأوربية في كانون الثاني من العام 2003 في مدينة أبو ظبي .
· تخطيط المدن العربية
يخضع تخطيط المدن سواء المدن الخاضعة للتوسع أو المدن الجديدة لمنهج تنظيمي عام حدده (لو كوربوزيه ) برسوم وأنظمة تحدد المبادىء والطرق لإعادة صهر التجمعات ونموها ضمن المدن مع المحافظة على الثروة التاريخية والطبيعية ومبينا الأماكن التي يجب أن تزال , وهو لا يحتوي على تفاصيل معمارية ولكنه يحدد المعالم المعمارية .كما كما أنه يحدد المبادىء والتوجيهات العامة وعلى هذا يكون المخطط وما يحويه من معلومات له صفة التوجيه وليس صفة التنفيذ وبذا يكون قد ترك للمخطط التوجيهي حرية خصوصية كل مدينة . الا أنها تبقى مشمولة بالتصنيفات التي وضعها . والمخطط التنظيمي يلحظ الحقبة الزمنية التي يمكن التنبؤ بها وهي عادة ما تكون عشرين عاما .وقدتكون هناك تطورات خارج دائرة الحسبان والتوقعات لذا يحسب للمخطط أن يكون مرنا ليحقق متطلبات التغيير الطارئة .
ولا بد من أن يلحظ المخطط مايلي :
- المناطق السكنية والكثافة السكانية فيها .
- مناطق العمل وتوزيعها
- مواقع المرافق العامة وتجهيزاتها
- مواقع المناطق الأثرية ومواقع الأبنية الموضوعة تحت الحماية ,ومناطق الحماية الطبيعية
- مواقع الحدائق والساحات العامة والمتنزهات
- مواقع شبكة الطرق والمطارات 0(المرافىء .الطرق النهرية , محطات القطارات
هناك عدة عوامل تتبادل التأثير فيما بينها . منها ماهو اقتصادي و منها ماهو جغرافي أو بيئي أو اجتماعي أو تاريخي وغيرها وهذه العوامل تتطور زمانيا ومكانيا وتأثيرها متبادل فيما بينها ولذا يضعها مهندس التخطيط وفريق عمله في الحسبان ,و لعل أفضل المخططات هو الذي تستطيع المدينة تنفيذه .إن مدينة اليوم هي امتداد لمدينة الماضي . لذا تكون مدينة المستقبل امتداد لهما , وقد بدأ الاهتمام الفعلي بتخطيط المدن العربية في خمسينات القرن المنصرم .وقد تعاقدت الأمم المتحدة مع الدكتور سيد كريم الحاصل على درجة الماجستير والدكتوراه من جامعة زيوريخ في تخطيط المدن على تخطيط مدن العا لم العربي في كل من السعودية والأردن والكويت والجزائر والمغرب وذلك في العام 1956 . وقد خطط مدينة بغداد الجديدة , ودمشق الجديدة
وخليجيا كانت جدة هي البداية وقد راعى في تخطيطها الجدول الزمني الخمسيني أي وضع المدينة بعد خمسين عاما وفي العام 1999 احتفل السعوديون بمرور أربعين عاما على إقامة جدة الحديثة .
أما مدينة أبو ظبي فعندما بدأ بتخطيطها وذلك في العام 1968 لم يكن بها فنادق أو طرق معبدة أو عمارات حديثة وقد راعى في تخطيطها شبكة طرق حديثة وعريضة ذات مواصفات ت عالمية مع خصوصية البيئة والتطور الذي بدأ ت رياحه تهب على المنطقة .
في العام 1985 افتتحت حديقة المطار الجديد بمساحة 25 هكتار بهندسة رائعة شملت خدمات منطورة إلى جانب الإشغالات الزراعية التزيينية من أشجار ومساحات خضراء ومساحات مائية ويعتبر شارع المطار القديم مفخرة حضارية بالتزيينات الزراعية على جانبيه من أشجار وورود بتنسيقات ساحرة وفوا رات مائيه صناعية وبحيرات والأراضي المزروعة في أبو ظبي بلغت 400ألف هكتار علاوة على ما يقارب المليون شجرة . وهذا ما ميز مدينة أبو ظبي بكثرة المساحات الخضراء والبحيرات الصناعية والنوافير , وانتقلت كا لحلم من مدينة صحراوية إلى مدينة مزدهرة تنافس أحمل مدن العالم .
سنتناول بداية تخطيط كل من مدينة الكويت ومدينة دمشق كنموذجين للمدن العربية .
الكويت :
بدأت معالم التغيير في مدينة الكويت مع اكتشاف النفط . وكانت معظم المشاريع الإنشائية موكولة إلى الإنكليز ومنها تخطيط المدينة . إلا أن أمير الكويت الشيخ عبد
الله السالم الصباح أصدر قرارا بوقف أعمال المقاولين الإنكليز وطلب من الدكتور سيد كريم بتخطيط مدينة الكويت كلها . وقد حافظ على المدينة القديمة التي تقع على الخليج الكويتي با تجاه البحر وكانت تبلغ مساحتها حوالي ثمانية كيلو مترات مربعة
وحتى العام 1947 كان يحيط بها سور طيني بني على عجل خلال شهر رمضان في
العام 1921 للدفاع عن المدينة وكانت بيوتها صغيرة ومشيدة حول الطرق الرئيسية بهندسة بسيطة وخامات طينية , وكان سورها يطوقها مبتدأ بالبحر ومنتهيا به وله أكثر من بوابة ولكل منها تسميته الخاصة به .
تميز التطور العمراني بمرحلتين:
1-المرحلة الأولى وتميزت فيها العمارة بطابع عفوي وذلك با ستخدام الخامات المحلية وكانت هذه المرحلة ما قبل العام 1952 , البيوت تجاورت بشكل حميمي متكأة على بعضها مفسحة فيما بينها لدروب تضيق أو تتسع لعبور المارة حيث تشكل حيطانها وحدة متجانسة أوجدتها فطرة المعمار الذي أ وجد حلولاً لعمارته مستقاة من خصوصية البيئة والعادات الاجتماعية التي تلم أهل المدينة في كل مناسبة وقد استخدم الطين كمادة أساسية في البناء مدعوماً بخامات أخرى كصخور البحر والأخشاب وغيرها . وستفيق هذه المرحلة على المرحلة اللاحقة وقد فغرت فاها بجاهزية مطلقة
لابتلاعها دون غصة .
2-المرحلة الثانية: وهي مرحلة النفط وامتدت ما بين العام 1952 وحتى الآن وفيها بدأت الكويت كمدينة تفقد خصوصية العمارة التراثية وتدخل عالم العمارة الحديثة وقد مرت بسبعة مراحل من التخطيط بدءاً من العام 1952 وحتى العام 1995 ورغم أن كل مخطط حاول أن يحدث لحمة وسدى مع ما سبقه إلا أن التنافر العمراني الذي نفذ بصيغ مختلفة من العمارة وبدت سماء المدينة تعج بخليط من الإرتفاعات والتكوينات الهندسية, وبدت الكويت وكأنها تزحف نحو الأعلى تاركة الأرض ومن عليها .إلا أن الإتساعات الكبيرة وعدم الإ كتظاظ فيما بين العمائر أحدث خللاً أفسح للعين أن ترى الكثير من الجمال بتنويعات الخضرة التي تريح البصر, والنوافير التي تزين فراغ المكان
وتنقل الإحساس بالرطوبة في بيئة حارة , ومساحات الورود التي تنبثق بشكل مدروس
وتلاصق المدينة مع البحر الذي جعلها تشرف على اتساعه اللامحدود, وبدأت البيئة الصحراوية كمكان تخلي مواقعها بالتدريج أمام زحف العمارة الحديثة . إن المخططات التنظيمية التي وضعت بمراحلها السبعة لم تفسح المجال للفوضى أن تنمو برعاية النظام العام وأن تنشأ مدينة ظل حول المدينة الحديثة , والرحابة التي تلحظ في أقسام المدينة بتخطيطها المتنوع وحسن التنظيم تجعلها منافسة لأكثر المدن حداثة ..
دمشق :
وضع المخطط التنظيمي الأول لمدينة دمشق في مرحلة الانتداب الفرنسي لسورية
وذلك في العام1936من قبل المعماريين الفرنسيين دانجيه وايكوشار , وقد انصب اهتمامها على الساحات الدائرية تصب فيها مجموعة شوارع رئيسية . كان نمو المدينة
بطيئاً لذا استوعب المخطط هذا النمو لسنوات, إلا أن تعديلات جرت على المخطط دون أن تمس بجوهره فأ ضيفت مقاسم جديدة لاحتواء أبنية ترتفع حتى الثلاث طوابق وأضيفت ضاحية جديدة هي ضاحية المزة وهذه الأجزاء ظلت ملحقة بالمدينة القديمة, وفي العام 1963 كلف ايكوشار بوضع مخطط تنظيمي جديد لمدينة دمشق وضع الاعتبار فيه توسع المدينة حتى العام 1984 على أن يكون التوسع باتجاه الجبال
الجرداء المحيطة بالمدينة وذلك لضرورة المحافظة على غوطة دمشق كرئة للمدينة .
إلا أن ذلك لم يتحقق بسبب البناء العشوائي الذي زنر المدينة حتى بلغت نسبة
سكان العشوائيات36/ من سكان مدينة دمشق ، وقد مضى على تحضير المخطط
الجديد للمدينة أكثر من 12عاماً دون نتيجة ملموسة في ظل بيئة عمرانية متحركة
حتى في الساعة . وما زال المخطط بعد كل المراحل التي تم الحديث عنها متعثراً
وفشلت كل الجهود في استكماله ومازالت الشركة العامة للدراسات والأستشارات
الفنية تتخبط في كل الاتجاهات دون أن تعطي شيئاً سوى الوعود بسبب غياب
الكفاءات المؤهلة .
ويمكن تقسيم المدينة إلى الأقسام التالية: 1- العمارة القديمة المتمركزة في الأحياء
التاريخية 2- الأبنية الأسمنتية التقليدية 3- الفيلات ذات الطراز الأوربي.
4- الأبراج التي أقيمت مكان الأبنية التراثية 5- السكن العشوائي الذي نما بشكل سرطاني حول المدينة . وسنلاحظ نتيجة ذلك تآكل الأراضي الزراعية ، والتنوع المعماري الهجين التي تتجاور فيه كل طرز ا لعمارة . وقد شكل السكن العشوائي
مشكلة كبيرة لمدينة دمشق منها الإساءة لتعريف مقومات المدينة التاريخية
القديمة واضمحلالها .والتوغل في أحيائها التاريخية واجتثاث أبنيتها وحلول الأبراج مكانها وهي أزمة بات من المستحيل السيطرة عليها ومن مؤشراتها صعوبة تنفيذ المخطط التنظيمي الموضوع للمدينة ثم أنها كرست مبدأ التجاوز على القانون والنظام العام الذي يفترض أنه وضع لقمع المخالفات السكنية, وتعذر تنفيذ شبكة مياه وصرف صحي وزيادة تلوث المياه الجوفيه, وصعوبة تصريف القمامة وذلك لصعوبة المواصلات والتضخم السكاني حول المدينة وما يسببه من مشاكل اجتماعية واقتصادية وبيئية .
المراجع:
1- م. فواز مصطفى (مبادىء تنظيم المدينة )
2- د. م . الغفري أحمد ( تخطيط الشوارع في المدن )
3- م. الساطي هشام – سيروان وليد ز (تصورات حول ظاهرة السكن العشوائي في مدينة دمشق ) ندوة
4- د. م . درغام وليد ( السكن في سورية ) دراسة جمعية العلوم الاقتصادية في سورية
5- د. م كريم ( أسرار المدن الخليجية ) جريدة الخليج بترتيب مع وكالة الأهرام الأهرام للصحافة
6- موقع بلدية الكويت على الشبكة
منقول
سورية - مصياف – بانوراما للتصوير والإعلان –
نزار شاهين – مصور ضوئي –فنان تشكيلي – مهتم بالعمارة التراثية والحديثة
البحث منشور في جريدة الفنون الكويتية العدد – 52 - 2005